خالق السموات والأرض بالحق أى: أبدعهما وأنشأهما بالحق. وقوله:(رب السموات والأرض) كقوله: خالق السموات والأرض، وأما قوله:(أنت الحق) . فعلى معنيين: يكون اسمًا راجعًا إلى ذاته فقط لقوله (صلى الله عليه وسلم) : أنت الحق. أى: أنت الموجود الثابت حقًا الذى لا يصح عليك تغيير ولا زوال. والمعنى الثانى: يكون الحق راجعًا إلى صفة ذاته؛ لقوله: خلق السموات والأرض بالحق أى قال لها: كونى فكانت. وقوله صفة من صفات ذاته عند أهل الحق والسنة على ما يأتى بيانه بعد هذا إن شاء الله. وأما قوله:(أنت نور السموات والأرض) وقوله: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)[النور: ٣٥] ، فواجب صرفه عن ظاهره لقيام الدليل على أنه لا يجوز أن يوصف بأنه نور، والمعنى: أنت منور السموات والأرض بأن خلقتهما دلالة لعبادك على وجودك وربوبيتك بما فيهما من دلائل الحدث المفتقرة إلى محدث فكأنه نور السموات والأرض بالدلائل عليه منهما وجعل فى قلوب الخلائق نورًا يهتدون به إليه، وقال ابن عباس:(اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)[النور: ٣٥] ، أى هاديهن، وعنه أيضًا مدبرهما، ومدبر ما فيهما وتقديره: الله نور السموات والأرض. وأما قيم السموات والأرض، فالكلام فيه من وجهين: أحدهما: أن يكون بمعنى العالم بمعلوماته، فتكون صفة ذات.