صفة من خالقه وجب كونه تعالى سميعًا بصيرًا مفيدًا أمرًا زائدًا على ما يفيده كونه عليما. ثم نرجع إلى ما تضمنه كونه سميعًا بصيرًا، فنقول: هما منضمنتان لسمع وبصر بهما كان سميعًا بصيرًا كما تضمن كونه عالمًا علمًا لأجله كان عالمًا وكما أنه لا خلاف بين إثباته عالمًا وبين إثباته ذا علم، فإن من نفى أحد الأمرين كمن نفى الآخر، وهذا مذهب أهل السنة والحق. ومعنى قول عائشة:(الحمد لله الذى وسع سمعه الأصوات) . أدرك سمعه الأصوات، لا أنه اتسع سمعه لها؛ لأن الموصوف بالسعة يصح وصفه بالضيق بدلا منه والوصفان جميعًا من صفات الأجسام، وإذا استحال وصفه بما يؤدى إلى القول بكونه جسمًا، وجب صرف قولها عن ظاهره إلى ما اقتضى صحته الدليل، ومعنى قوله (صلى الله عليه وسلم) : (فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا) . نفى الآفة المانعة من السمع، ونفى الجهل المانع من العلم وفى هذا القول منه (صلى الله عليه وسلم) دليل على أنه لم يزل سميعًا بصيرًا عالمًا، ولا تصح أضداد هذه الصفات عليه. وقوله: قريبًا. إخبار عن كونه عالمًا بجميع المعلومات لا يعزب عنه شىء، ولم يرد بوصفه بالقرب قرب المسافة؛ لأن الله تعالى لا يصح وصفه بالحلول فى الأماكن؛ لأن ذلك من صفات الأجسام والدليل على ذلك قوله تعالى:(مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ)[المجادلة: ٧] الآية معناه: إلا هو عالم بهم وبجميع أحوالهم ما يسرُّونه وما يظهرونه، ومعنى حديث أبى بكر فى هذا الباب هو أن