للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه لم يشرحه فقال: الإحصاء لأسمائه تعالى هو العمل بها لا عدّها وحفظها فقط؛ لأنه قد يعدها المنافق والكافر وذلك غير نافع له. قال المؤلف: والدليل على أن حقيقة الإحصاء والحفظ فى الشريعة إنما هو العمل قوله (صلى الله عليه وسلم) فى وصف الخوارج: (يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية) فبين أن من قرأ القرآن ولم يعمل به لم ترفع قراءته إلى الله، ولا جازت حنجرته، فلم يكتب له أجرها وخاب من ثوابها كما قال تعالى: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) [فاطر: ١٠] ، يعنى أن العمل الصالح يرفع الكلم الطيب إلى الله تعالى. وكما قال ابن مسعود لرجل: إنك فى زمان كثير فقهاؤه قليل قراؤه تحفظ فيه حدود القرآن وتضيع فيه حروفه، وسيأتى على الناس زمان قليل فقهاؤه كثير قراؤه تحفظ فيه حروف القرآن وتضيع حدوده. فذم من حفظ الحروف وضيع العمل ولم يقف عند الحدود، ومدح من عمل بمعانى القرآن وإن لم يحفظ الحروف، فدل هذا على أن الحفظ والإحصاء المندوب إليه هو العمل. ويوضح هذا أيضًا ما كتب به عمر بن الخطاب إلى عماله: إن أهم أموركم عندى الصلاة فمن حفظها وحافظ عليها دينه. ولم يرد عمر بحفظها إلا المبالغة فى إتقان العمل بها من إتمام ركوعها وسجودها وإكمال حدودها لا حفظ أحكامها وتضييع العمل بها، والله الموفق.

<<  <  ج: ص:  >  >>