للعدم، وكذلك أجرى على كلامه ما أجراه على نفسه فلم يتسم بالشئ ولم يجعل الشىء من أسمائه، ولكنه دل على نفسه أنه شىء أكبر الأشياء، إثباتًا للوجود ونفيًا للعدم، وتكذيبًا للزنادقة والدهرية ومن أنكر ربوبيته من سائر الأمم فقال لنبيه (صلى الله عليه وسلم) : (قُلْ أَىُّ شَىْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللهِ شَهِيدٌ بِيْنِى وَبَيْنَكُمْ)[الأنعام: ١٩] ، فدل على نفسه أنه شىء لا كالأشياء لعلمه السابق أن جهمًا وبشرًا ومن وافقهما سيلحدون فى أسمائه ويشبهون على خلقه ويدخلونه وكلامه فى الأشياء المخلوقة فقال تعالى:(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ)[الشورى: ١١] ، فأخرج نفسه وكلامه وصفاته عن الأشياء المخلوقة بهذا الخبر تكذيبًا لمن ألحد فى كتابه، وشبهه بخلقه. ثم عدد أسماءه فى كتابه فلم يتسم بالشىء، ولم يجعله من أسمائه فى قوله (صلى الله عليه وسلم) : (لله تسعة وتسعون اسمًا) ثم ذكر كلامه كما ذكر نفسه ودل عليه بما دل على نفسه ليعلم الخلق أنه صفة من صفات ذاته فقال تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَىْءٍ)[الأنعام: ٩١] ، فذم الله اليهود حين نفت أن تكون التوراة شيئًا، وقال:(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوْحِىَ إِلَىَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَىْءٌ)[الأنعام: ٩٣] ، فدل أن الوحى شىء بالمعنى، والذم لمن جحد أن كلامه شىء، فكل صفة من صفاته باسم الشىء، وإنما أظهره باسم الهدى والنور والكتاب، ولم يقل من أنزل الشىء الذى جاء به موسى. قال غيره: وتسمية الله نفسه بشىء، يرد قول من زعم من أهل