/ ٦٠ - وفيه: أَبُو ذَرّ، سَأَلْتُ النَّبِىَّ (صلى الله عليه وسلم) عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا)[يس: ٣٨] قَالَ: (مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ) . غرضه فى هذا الباب رد شبهة الجهمية المجسمة فى تعلقها بظاهر قوله:(ذِى الْمَعَارِجِ تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ)[المعارج: ٣، ٤] ، وقوله:(إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ)[فاطر: ١٠] ، وما تضمنته أحاديث الباب من هذا المعنى، وقد تقدم الكلام فى الرد عليهم وهو أن الدلائل الواضحة قد قامت على أن البارى تعالى ليس بجسم ولا محتاجًا إلى مكان يحله ويستقر فيه؛ لأنه تعالى قد كان ولا مكان وهو على ما كان، ثم خلق المكان فمحال كونه غنيا عن المكان قبل خلقه إياه، ثم يحتاج إليه بعد خلقه له هذا مستحيل، فلا حجة لهم فى قوله:(ذِى الْمَعَارِجِ (لأنه إنما أضاف المعارج إليه إضافة فعل، وقد كان لا فعل له موجود، وقد قال ابن عباس فى قوله: (ذِى الْمَعَارِجِ (هو بمعنى: العلو والرفعة، وكذلك لا شبهة لهم فى قوله تعالى: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ)[فاطر: ١٠] ، لأن صعود الكلم إلى الله تعالى لا يقتضى كونه فى جهة العلو لأن البارى تعالى لا تحويه جهة؛ إذ كان موجودًا ولا جهة، وإذا صح ذلك وجب صرف هذا عن ظاهره وإجراؤه على المجاز؛ لبطلان إجرائه على الحقيقة، فوجب أن يكون تأويل قوله: (ذِى الْمَعَارِجِ (رفعته واعتلاؤه على خليقته وتنزيهه عن الكون فى جهة؛ لأن فى ذلك ما يوجب كونه جسمًا تعالى الله عن ذلك، وأما وصف الكلام بالصعود إليه فمجاز أيضًا واتساع؛ لأن الكلم عرض والعرض لا يصح أن يفعل؛ لأن من