والباري تعالى لا يجوز أن يكون له أعضاء وآلات الكلام؛ إذ ليس بجسم. فرد البخارى عليهم بقوله (صلى الله عليه وسلم) : (إذا قضى الله الأمر فى السماء، فزعت الملائكة وضربت بأجنحتها فكان لها صوت، كأنه سلسلة على صفوان خضعانًا) لقوله تعالى: (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ)[سبأ: ٢٣] ، أى أذهب الفزع عن قلوبهم، قالوا للذى فوقهم: ماذا قال ربكم؟ فدل ذلك على أنهم سمعوا قولا لم يفهموا معناه من أجل فزعهم، فقالوا: ماذا قال ربكم؟ ولم يقولوا: ماذا خلق ربكم، وأكد ذلك بما حكاه عن الملائكة أيضًا؟) قَالُوا الْحَقَّ) [سبأ: ٢٣] ، والحق إحدى صفتى القول الذى لا يجوز على الله غيره؛ لأنه لا يجوز على كلامه الباطل. ولو كان القول منه خلقًا وفعلا لقالوا حين سألوا ماذا قال، أخلق خلقًا كذا، إنسانًا، أو جبلا، أو شيئًا من المخلوقات، فلما وصفوا قوله بما يوصف به الكلام من الحق، لم يجز أن يكون القول بمعنى الخلق والتكوين، وكذلك قوله لآدم: يا آدم، وهو كلام مسموع، ولو كان بمعنى الخلق والتكوين ما أجاب بلبيك وسعديك، التى هى جواب المسموعات، وكذلك قول عائشة:(ولقد أمره ربه أن يبشرها) هو كلام، وقول مسموع من الله تعالى ولو كان خلقًا لما فهم منه عن ربه له بالبشرى.