ما عرضوا به، وقد ثبت أنه تعالى قادر على أن يعلمنا اضطرارًا كل شىء يصح أن يعلمناه استدلالاً ونظرًا، وإذا كان ذلك كذلك وجب أن يكون تعالى قادرًا على أن يعلم موسى معانى كلامه الذى لا يشبه كلام المخلوقين الخارج عن كونه حروفًا منظمة وأصواتًا مقطعة اضرارًا أو ينصب له دليلا إذا نظر فيه أدّاه إلى العلم بمعانى كلامه، فإذا كان قادرًا على الوجهين جميعًا زالت شبهة المعتزلة. قال المهلب: فى إفهام الله تعالى موسى من كلامه ما لا عهد له بمثله بتنوير قلبه له وشرحه له وشرحه لقبوله لا يخلو أن يكون ما أفهم الله سليمان من كلام الطير ومنطقها هو مثل كلام سليمان أو لا يشبه كلامه، فإن كان يشبه كلام سليمان ومن جنسه فلا وجه لاختصاص سليمان وداود بتعليمه دون بنى جنسه، ولا معنى لفخره (صلى الله عليه وسلم) بالخاصة وامتداحه بقوله: (عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ (إلى قوله: (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)[النمل: ١٦] ، أو يكون منطق الطير الذى فهمه سليمان غير منطق سليمان والطير وبنى جنسهن فقد أفهمه الله ما لم يفهمه غيره من كلام الهدهد وكلام النملة التى تبسم ضاحكًا من قولها لفهمه عنها ما لم يفهمه غيره منها. وإنما ذكر حديث أبى هريرة فى حديث الشفاعة مختصرًا لما فى الحديث الطويل من قول إبراهيم (ولكن ائتوا موسى عبدًا آتاه الله التوراة، وكلمه تكليمًا) وكذلك فى حديث أنس فى الإسراء (فوجد موسى فى السماء السابعة بتفضيل كلامه عز وجل) وهذا يدل على أن الله تعالى لم يكلم من الأنبياء غير موسى - عليه السلام -