من الله صادقة. قال ابن إسحاق: فلم ينكر ذلك من قولهما لقول الحسن البصرى: إن هذه الآية نزلت فى ذلك يعنى: قول الله عز وجل: (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِى أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ)[الإسراء: ٦٠] ولقول الله عز وجل عن إبراهيم (صلى الله عليه وسلم) إذ قال لابنه: (يَا بُنَىَّ إِنِّى أَرَى فِى الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ)[الصافات: ١٠٢] ، ثم مضى على ذلك فعرف أن الوحى من الله عز وجل يأتى الأنبياء أيقاظًا ونيامًا. قال ابن إسحاق: وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: (تنام عينى، وقلبى يقظان) فالله أعلم أى ذلك كان قد جاءه، وعاين فيه ما عاين من أمر الله تعالى على أى حاليه كان نائمًا أو يقظان كل ذلك حق وصدق. وذكر ابن فورك فى مشكل القرآن قال: كان النبى (صلى الله عليه وسلم) ليلة الإسراء فى بيت أم هانئ بنت أبى طالب. فالله أعلم. واحتج أهل هذه المقالة فقالوا: ما اعتل به من قال: إن الإسراء لو كان فى المنام لما أنكرته قريش؛ لأنهم كانوا لا ينكرون الرؤيا فلا حجة فيه؛ لأن قريشًا كانت تكذب العيان، وترد شهادة الله التى هى أكبر شهادة عليهم بذلك؛ إذ قال عنهم حين انشق القمر:(وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ)[القمر: ٢] ، فأخبر عنهم أنهم يكذبون ما يرون عيانا، وكذلك قال عنهم:(وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ)[الحجر: ١٤، ١٥] ، وقال تعالى عنهم أنهم قالوا:(لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا)[الإسراء: ٩٠] ، إلى قوله:(أَوْ تَرْقَى فِى السَّمَاء)[الإسراء: ٩٣] ، ثم قالوا بعدما تمنوه:(وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا)[الإسراء: ٩٣] ، وقال تعالى:(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا)[الأنعام: ١٠٩] ، إلى قوله: