الإنْجِيلَ، فَعَمِلُوا بِهِ حَتَّى صُلِّيَتِ الْعَصْرُ، ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا، قِيرَاطًا ثُمَّ أُوتِيتُمُ الْقُرْآنَ، فَعَمِلْتُمْ بِهِ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ. . .) ، الحديث فَأُعْطِيتُمْ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، فَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ: هَؤُلاءِ أَقَلُّ مِنَّا عَمَلا وَأَكْثَرُ أَجْرًا، قَالَ اللَّهُ: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا؟ قَالُوا: لا، قَالَ: فَهُوَ فَضْلِى أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ) . وَسَمَّى النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) الصَّلاةَ عَمَلا، وَقَالَ:(لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ) . / ١٤٩ - وفيه: ابْن مَسْعُود، أَنَّ رَجُلا سَأَلَ النَّبِىَّ (صلى الله عليه وسلم) أَىُّ الأعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:(الصَّلاةُ لِوَقْتِهَا، وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ، ثُمَّ الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ) . قال المهلب: معنى هذا الباب كالذى قبله، أن كل ما يكسبه الإنسان مما يؤمر به من صلاة أو حج أو جهاد وسائر الشرائع عمل له يجازى على فعله، ويعاقب على تركه؛ إن أنفذ الله عليه الوعيد. وأما قوله (صلى الله عليه وسلم) حين سُئل أى العمل أفضل، فقال:(الصلاة لوقتها، وبر الوالدين، والجهاد) فقرن حق الوالدين بحق الله عز وجل على عباده بواو العطف، وليس هذا بمخالف للحديث الآخر (أن النبى (صلى الله عليه وسلم) سُئل أى العمل أفضل، فقال: إيمان بالله، ثم الجهاد، ثم حج مبرور) ولم يذكر بر الوالدين، وإنما يفتى السائل بحسب ما يعلم من حاله، أو ما يتقى عليه من فتنة الشيطان. فلذلك اختلف ترتيب أفضل الأعمال، مع أنه قد يكون العمل فى وقت أوكد وأفضل منه فى وقت آخر، كالجهاد الذى يتأكد مرةً، ويتراخى مرةً، ألا تراه أمر وفد عبد القيس بأمر فصل باشتراطهم ذلك منه، فلم يرتب لهم الأعمال، ولا ذكر لهم الجهاد ولا بر الوالدين، وإنما ذكر لهم أداء الخمس مما يغنمون، وذكر لهم الانتباذ فى المزفت فيما نهاهم عنه، وفى المنهيات ما هو أوكد منه مرارًا.