وسمى ذلك قرآنًا، وكذلك الإيمان يصح أن يقع بالعربية وبالفارسية، وحجة من لم يجز قراءة القرآن بالفارسية قوله تعالى:(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا)[يوسف: ٢] ، فأخبر تعالى أنه أنزله عربيًا فبطل أن يكون القرآن الأعجمى منزلا، ويقال لهم: أخبرونا إذا قرأ فاتحة الكتاب بالفارسية، هل تسمى فاتحة الكتاب أو تفسير فاتحة الكتاب، فإن قالوا: تفسير فاتحة الكتاب. قيل لهم: قد قال (صلى الله عليه وسلم) : (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) ، ولم يقل بتفسير فاتحة الكتاب. ألا ترى أنه لو قرأ تفسيرها بالعربية فى الصلاة لم يجز، فتفسيرها بالفارسية أولى ألا يجوز. وقولهم: إن الله حكى قول الأنبياء، عليهم السلام، الذى بلسانهم بلسان عربى فى القرآن، كقوله نوح:(يَا بُنَىَّ ارْكَب مَّعَنَا)[هود: ٤٢] وأن نوحًا قال هذا بلسانه، فكذلك يجوز أن يحكى القرآن بلسانهم. فالجواب أنا نقول: أنهم ما نطقوا بما حكى عنهم إلا كما فى القرآن، ولو قلنا ما ذكروه لم يلزمنا نحن أن نحكى القرآن بلغة أخرى؛ لأنه يجوز أن يحكى الله تعالى قولهم بلسان العرب، ثم يتعبدنا نحن بتلاوته على ما أنزله فلا يجوز أن نتعداه، وما يحتجون به أنه فى الصحف الأولى، وما يحتجون به من قوله:(وَأُوحِىَ إِلَىَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ)[الأنعام: ١٩] فأنذر به على لسان كل أمة، فالجواب أن العرب إذا حصل عندها أن ذلك معجز، وهم أهل الفصاحة كانت العجم أتباعًا لهم، كما كانت العامة أتباعًا للسحرة فى زمن موسى، وأتباعًا للطب فى زمن عيسى، فقد يمكن العجم أن يتعلموه بلسان العرب.