لجهارته والله أعلم وشدة قرعه للسمع، وفى اتباعه أيضًا لهذا المعنى بقوله:(ما أذن الله لشىء ما أذن لنبى حسن الصوت بالقرآن) ما يقوى قولنا ويشهد له، وقد تقدم فى فضائل القرآن، ونزيده هاهنا وضوحًا، فنقول: إن الجهر المراد فى قوله: (يجهر به) هو إخراج الحروف فى التلاوة عن مساق المحادثة بالأخبار، بإلذاذ أسماعهم بحسن الصوت وترجيعه لا الجهر المنهى عنه الجافى على السامع، كما قال عز وجل للنبى (صلى الله عليه وسلم) : (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً)[الإسراء: ١١٠] ، وكما قال تعالى فى النبى:(وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ)[الحجرات: ٢] ، وقوله:(أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ)[الحجرات: ٢] ، دليل أن رفع الصوت على المتكلم بأكثر من صوته من الأذى له، والأذى خطيئة. ويدل على أن المقاومة فى مقدار المتكلمين معافاة من الخطأ، إلا فى النبى (صلى الله عليه وسلم) وحده، فمنع الله من مقاومته فى الآية، توقيرًا له وإعظامًا، وقد روى لفظ الترجمة عن النبى (صلى الله عليه وسلم) من حديث قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعيد بن هشام، عن عائشة قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (الذى يقرأ القرآن وهو به ماهر مع السفرة الكرام البررة، والذى يقرأ القرآن وهو يشتد عليه فله أجران) . وتأويل قوله:(أجران) والله أعلم تفسيره حديث ابن مسعود: (من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات، فيضاعف الأجر لمن يشتد عليه حفظ القرآن فيعطى بكل حرف عشرون حسنة،