لهم تأويلهم فيه بما وافق روايتهم عن صحابى لخشية التحزب الذى منه هربوا، ولكثرة من اتبع القراء فى تلك الأمصار من العامة غير المأمونة عند منازعتها، فهذا وجه تجويز العلماء أن يقرأ بخلاف أهل المدينة وبروايات كثيرة. وأما ما ذكر من قراءة ابن مسعود فهذا تبديل كلمة بأخرى كقوله:(صَيْحَةً وَاحِدَةً)[يس: ٢٩] ، قرأها هو:(زقية واحدة) و) بَيْضَاء لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ) [الصافات: ٤٦] قرأها: (صفراء) فهذا تبديل اللفظ والمعنى، ولذلك أجمعت الأمة على ترك القراءة بها، ولو سمح فى تبديل السواد لما بقى منه إلا الأقل، لكن الله حفظه علينا من تحكم المتأولين وتسلط أيدى الكاتبين على تبديل حرف بحرام إلى حلال، وحلال بحرام، وكلمة عذاب برحمة، ورحمة بعذاب، ونهى بأمر، وأمر بنهى، وإنما هو ذلك مما هو جائز فى كلام العرب من نصب وخفض ورفع مما لا يحيل معنى ولا حرج فيه. وقد روى البغوى: حديث محمد بن زياد، حدثنا ابن شهاب الخياط، حدثنا داود بن أبى هند، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال:(جلس ناس من أصحاب النبى (صلى الله عليه وسلم) على بابه، فقال بعضهم: إن الله قال فى آية كذا كذا، وقال بعضهم: لم يقل كذا. فخرج رسول الله كأنما فقئ فى وجهه حب الرمان وقال: أبهذا أمرتم؟ إنما ضلت الأمم فى مثل هذا، انظروا ما