للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيان الأمر فقال: (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ) [الأعراف: ٥٤] ، فجعل الأمر غير خلقه لها، وغير تسخيرها الذى هو عن أمره، ثم ذكر قول ابن عيينة أنه فصل بين الخلق والأمر وجعلهما شيئين بإدخال حرف العطف بينهما، والأمر منه تعالى قول، وقوله صفة من صفاته غير مخلوق. ثم بين لك أن قول الإنسان بالإيمان وغيره قد سماه رسول الله عملا حين سئل: أى العمل أفضل؟ قال: إيمان بالله. والإيمان قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، وكذلك أمره وفد عبد القيس حين سألوه أن يدلهم على ما إن عملوه دخلوا الجنة فأمرهم بالإيمان بالقلب، والشهادة باللسان، وسائر أعمال الجوارح. فثبت أن كلام ابن آدم بالإيمان وغيره عمل من أعماله وفعل له، وأن كلام الله المنزل بكلمة الإيمان غير مخلوق، ثم بين لك أن أعمالنا كلها مخلوقة لله تعالى خلافًا للقدرية الذين يزعمون أنها غير مخلوقة له تعالى بقوله فى حديث أبى موسى لست أنا حملتكم على الإبل بعد أن حلف لهم أن ما عندى ما أحملكم عليه، وإنما الله هو الذى حملكم عليها، ويسرها لكم فأثبت ذلك كله فعلا لله تعالى، وهذا بين لا إشكال فيه. وقوله فى حديث عائشة: يقال للمصورين: أحيوا ما خلقتم) فإنما نسب خلقها إليهم توبيخًا لهم وتقريعًا لهم فى مضاهاتهم الله عز وجل فى خلقه فبكتهم بأن قال لهم: فإذ قد شابهتم بما صورتم مخلوقات الرب، فأحيوا ما خلقتم كما أحيا هو تعالى ما خلق فينقطعون بهذه المطالبة حين لا يستطيعون نفخ الروح في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>