جاء يوم الجمعة وهو يخطب أن يركع ركعتين، وأمر مرةً أخرى رجلاً رآه يتخطى رقاب الناس بالجلوس ولم يأمره بالركوع، حدثنا بًحْر بن نصر، حدثنا عبد الله بن وهب، عن معاوية بن صالح، عن أبى الزاهرية، عن عبد الله بن بسر قال:(جاء رجل يتخطى رقاب الناس فى يوم الجمعة فقال له رسول الله: (اجلس فقد آذيت وآنيت) ، فهذا يخالف حديث سليك، واستعمال الأحاديث هو على ما تأولها عليه جماعة الفقهاء. قال الطحاوى: وأما قول من قال من أهل الظاهر أن عليه أن يركع فى كل وقت دخل المسجد فهو خطأ؛ لنهيه عليه السلام عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها وغير ذلك من الأوقات المنهى عنها، فمن دخل المسجد فى هذه الأوقات، فليس بداخل فى أمره بالركوع عند دخوله فى المسجد، وإنما يدخل فى أمره بذلك كل من لو كان فى المسجد قبل ذلك فأراد الصلاة، كان له ذلك، فأما من لو كان فى المسجد قبل ذلك لم يكن له أن يصلى، فليس بداخل فى ذلك. وقد روى عن جماعة من السلف أنهم كانوا يمرون فى المسجد ولا يركعون، فروى ابن أبى شيبة عن عبد العزيز الدراوردى، عن زيد بن أسلم قال: كان كبار أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يدخلون المسجد ثم يخرجون ولا يصلون. قال زيد: وقد رأيت ابن عمر يفعله، وذكر ذلك مالك عن زيد بن ثابت، وسالم بن عبد الله، وكان القاسم بن محمد يدخل المسجد، فيجلس فيه ولا يصلى وفعله الشعبى، وقال جابر بن زيد: إذا دخلت مسجدًا فصلّ فيه، فإن لم تصل فيه فاذكر الله فكأنك قد صليت.