يصح فى أحد من الصحابة؛ لأنه لا يجوز لأحد من المسلمين أن يتأول عليهم إلا أفضل التأويل؛ لأنهم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذين أثنى الله عليهم وشهد لهم بالفضل، فقال تعالى:(كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس)[آل عمران: ١١٠] . قال المفسرون: هم أصحاب رسول الله، وقد صح أن عمارًا بعثه على إلى الخوارج يدعوهم إلى الجماعة التى فيها العصمة بشهادة الرسول (لا تجتمع أمتى على ضلال) . وفيه: أن عمارًا فهم عن الرسول أن هذه الفتنة فى الدين يستعاذ بالله منها، وفى الاستعاذة منها دليل أنه لا يدرى أحد فى الفتنة أمأجور هو أم مأزور إلا بغلبة الظن، ولو كان مأجورًا ما استعاذ بالله من الأجر، وهذا يرد الحديث الذى روى:(لا تستعيذوا بالله من الفتنة، فإنها حصاد المنافقين) . وقول عكرمة، عن أبى سعيد:(فأخذ رداءه فاحتبى به، ثم أنشأ فحدثنا) ، فيه أن العالم له أن يتهيأ للحديث ويجلس له جلسته. وفيه: أن الرجل العالم يبعث ابنه إلى عالم آخر ليتعلم منه؛ لأن العلم لا يحوى جميعه أحد ولا يحيط به مخلوق. وفيه: أن أفعال البر للإنسان أن يأخذ منها ما يشق عليه إن شاء كما أخذ عمار لبنتين، فاستحق بذلك كرامةً من الرسول فى نفضه عنه الغبار، وذكر فضيلته التى تأتى فى الزمن الذى بعده. وفيه: علامة النبوة؛ لأنه عليه السلام، أخبر بما يكون فكان كما قال.