قال المؤلف: المساجد إنما اتخذت لذكر الله تعالى وتلاوة القرآن، والصلاة، وإنما يجوز فيها من البيع والشراء وسائر أمور الدنيا ما يكون بمعنى تعليم الناس والتنبيه لهم على الاحتراس من مواقعة الحرام ومخالفة السنن، والموعظة فى ذلك، وقد روى عن نبى الله (صلى الله عليه وسلم) أنه نهى عن البيع والشراء فى المسجد، وهو قول مالك وجماعة من العلماء، وروى الدراوردى، عن يزيد بن الخصيفة، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبى هريرة أن الرسول قال:(إذا رأيتم الرجل يبيع ويشترى فى المسجد، فقولوا: لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم الرجل ينشد فيه الضالة، فقولوا: لا ردَّ الله عليك) ، وذكر مالك، عن عطاء بن يسار أنه كان يقول لمن أراد أن يبيع فى المسجد: عليك بسوق الدنيا، فإنما هذا سوق الآخرة. قال الطحاوى: ومعنى البيع الذى نهى عنه فى المسجد الذى يغلب على المسجد ويعمه، حتى يكون كالسوق، فذلك مكروه، وأما ما سوى ذلك فلا بأس به، وكذلك التحلق الذى نهى عنه قبل الصلاة إذا عم المسجد وغلبه، فهو مكروه، وغير ذلك لا بأس به، وقد أجمع العلماء أن ما عقد من البيع فى المسجد أنه لا يجوز نقضه، إلا أن المسجد ينبغى أن يجنب جميع أمور الدنيا، ولذلك بنى عمر بن الخطاب البطحاء خارج المسجد، وقال:(من أراد أن يلغط، فليخرج إليها) ، فوجب تنزيه المسجد عما لم يكن من أمور الله تعالى.