رَجُلا بَكَّاءً، لا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ، إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) . قال المؤلف: أما بناء المسجد فى الطريق، فذكر ابن شعبان فى كتاب (الزاهى) قال: وينبغى أن تجتنب الصلاة فى المساجد المبنية حيث لا يجوز بناؤها من الطرقات والفحوص ومراسى السفن؛ لأنها وضعت فى غير حقها، فمن صلى فيها متأولاً أنه يصلى فى الطريق وحيث ما له منه مثل ما لغيره أجزأته صلاته، قال: ولو كان مسجد فى فحص واحدٍ واسع، فأراد الإمام أن يزيد فيه من الفحص ما لا يضر بالسالكين لم يمنع عند مالك، ومنع فى قول ربيعة وهو الأصح عندى، وإنما اخترت قول ربيعة؛ لأنه غير عائد إلى جميعهم، قد ترتفق به الحائض والنفساء، ومن لا يجب عليه الصلاة من الأطفال ومن يسلكه من أهل الذمة. ووجه قول مالك: أن الزيادة فى المسجد هى لهم وإليهم تعود، قال غيره: والحجة لقول مالك ابتناء أبى بكر مسجدًا بفناء داره، ووجه ذلك أن أفنية الدور، وإن كان لا ينبغى لأحد استحقاق شىء منها، ولا الانفراد بمنافعها دون غيره من السالكين، فإن المسجد بقعة لجماعة المسلمين، ولا يجوز لأحد تملكه، هو فى معنى الطريق فى البقعة لجماعة المسلمين، بل هو أكثر نفعًا لإقامة الصلاة فيه التى هى أعظم أمور الإسلام، وأن الاحتياط فى إقامتها أفضل من الاحتياط فى إرفاق الصبى والحائض والذمى فى سعة الطريق، إذا بقى منه ما لا يضر بالمارة والسالكين، وإلى قول مالك ذهب البخارى فى ترجمته.