بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَدَفَعَ أَبُو سَعِيدٍ فِي صَدْرِهِ، فَنَظَرَ الشَّابُّ، فَلَمْ يَجِدْ مَسَاغًا إِلا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَعَادَ لِيَجْتَازَ، فَدَفَعَهُ أَبُو سَعِيدٍ أَشَدَّ مِنَ الأولَى، فَنَالَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى مَرْوَانَ، فَشَكَا إِلَيْهِ مَا لَقِيَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَدَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ خَلْفَهُ عَلَى مَرْوَانَ، فَقَالَ: مَا لَكَ وَلابْنِ أَخِيكَ يَا أَبَا سَعِيدٍ؟ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ (صلى الله عليه وسلم) يَقُولُ: إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ) . قال بعض الفقهاء: واتفق العلماء على دفع المارَ بين يدى المصلى إذا صلى إلى سترة، وليس له إذا صلى إلى غير سترة أن يدفع من مَرَّ بين يديه؛ لأن الرسول جعل ما بينه وبين السترة من حقه الذى يجب له منعه ما دام مصليًا، فأما إذا صلى إلى غير سترة، فليس له أن يدرأ أحدًا؛ لأن التصرف والمشى مباح لغيره فى ذلك الموضع الذى يصلى فيه وهو وغيره سواء، فلم يستحق أن يمنع شيئًا منه إلا ما قام الدليل عليه، وهو السترة التى وردت السنة بمنعها، وقال مالك: لا يرده وهو ساجد فإنما استحق المقاتلة؛ لأنه لا عذر له بعد أن جعل له علمًا يمر من ورائه، والمقاتلة هاهنا: المدافعة فى لطف، وأجمعوا أنه لا يقاتله بسيف ولا يخاطفه، فى أخرى: ولا يخاطبه، ولا يبلغ به مبلغًا يفسد صلاته؛ لأنه إن فعل ذلك كان أضر على نفسه من المارِّ بين يديه. قال المؤلف: والفرق بين ما يدرأُ فيه المصلى من مرَّ بين يديه وما لا يدرأ من المسافة، هو المقدار الذى ينال المصلى فيه المار بين يديه إذا مرَّ ليدفه، لإجماعهم أن المشى فى الصلاة لا يجوز ولو أجزنا له المشى إليه باعًا أو باعين من غير أثر لركبنا أكثر من ذلك، وهذا لا يجوز