وَكَرِهَ عُثْمَانُ أَنْ يُسْتَقْبَلَ الرَّجُلُ، وَهُوَ يُصَلِّي، وَ [إِنَّمَا] هَذَا إِذَا اشْتَغَلَ بِهِ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَشْتَغِلْ بِهِ، فَقَدْ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: مَا بَالَيْتُ، إِنَّ الرَّجُلَ لا يَقْطَعُ صَلاةَ الرَّجُلِ. / ١٢٨ - فيه: عائشة: ذُكِرَ عِنْدَهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلاةَ، فَقَالُوا: يَقْطَعُهَا الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ، فقَالَتْ:(لَقَدْ جَعَلْتُمُونَا كِلابًا، لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ (صلى الله عليه وسلم) يُصَلِّي، وَإِنِّي لَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ عَلَى السَّرِيرِ، فَتَكُونُ لِيَ الْحَاجَةُ، فَأَكْرَهُ أَنْ أَسْتَقْبِلَهُ، فَأَنْسَلُّ انْسِلالا) . ذهبت طائفة من العلماء إلى أن الرجل يستر الرجل إذا صلى، إلا أن أكثرهم كره أن يستقبله بوجهه، قال نافع: كان ابن عمر إذا لم يجد سبيلاً إلى سارية من سوارى المسجد قال لى: ولنى ظهرك، وهو قول مالك، وروى أشهب عنه أنه لا بأس أن يصلى إلى ظهر رجل وأما إلى جنبه فلا، وحققه مالك فى رواية ابن نافع فى المجموعة، وقال النخعى وقتادة: يستر الرجل الرجل فى الصلاة إذا كان جالسًا، وقال الحسن: يستر المصلى ولم يشترط أن يكون جالسًا ولا موليًا ظهره إلى المصلى. وأجاز الكوفيون، والثورى، والأوزاعى الصلاة خلف المتحدثين. وقال ابن سيرين: لا يكون الرجل سترةً للمصلى. ودليلُ هذا الحديث حُجة لمن أجاز ذلك؛ لأن المرأة إذا كانت فى قِبلة الرسول، فالرجل أولى بذلك والذين كرهوا استقباله كرهوا ذلك لما يخشى عليه من استقباله بالنظر إليه عن صلاته، ولهذا كره الصلاة إلى الحِلَقِ لما فيها من الكلام واللفظ المشغلين للمصلين.