الطحاوى، فدل ذلك على أن حديث جابر، وأنس، وأبى برزة، مفسر بحديث المغيرة. واحتج أهل المقالة الأولى، فقالوا: ليس الأمر بالإبراد ناسخًا لتعجيل الظهر فى شدة الحر، وحكم الظهر أن يعجل فى سائر الزمان لمن أراد الأخذ بالأفضل؛ لأن الرسول كان يعجلها فى أكثر أمره، وإنما أمرهم بالإبراد رخصة لهم لشدة الحر عندهم رفقًا بهم، وقد روى عن سعيد بن أبى المليح، عن ميمون بن مهران، قال: لا بأس بالصلاة نصف النهار، وإنما كانوا يكرهون الصلاة نصف النهار؛ لأنهم كانوا يصلون بمكة، وكانت شديدة الحر، ولم يكن لهم ظلال، فقال: أبردوا بها. وروى الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، قال: صليت خلف عبد الله بن مسعود الظهر حين زالت الشمس، فقال: هذا والذى لا إله إلا هو وقت هذه الصلاة، قالوا: وهذا محمول على الزمان كله، وبَيَّنَ هذا ما رواه الليث، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أسامة بن زيد، عن الزهرى، عن عروة، عن بشير بن أبى مسعود، عن أبيه:(أنه رأى رسول الله يصلى الظهر حين تزيغ الشمس، وربما أخرها فى شدة الحر) ، فهذا يدل أنه لم يكن يبرد بالصلاة فى الحر كله؛ لأن (ربما) تقع للتقليل، وإنما كان يفعل ذلك فى النادر، وليدل أمته على أن ما أمرهم به من الإبراد، قد يفعله هو أيضًا، وإن كان أكثر دهره يعجل الصلاة ولا يبرد بها، وأنهم مخيرون بالأخذ بأى ذلك شاءوا. فمن أراد الأفضل، كان له التعجيل، ومن أراد الأخذ بالرخصة كان له الإبراد، وهذا المعنى فهم عمر بن الخطاب، فكتب إلى أبى