الظهر والعصر بعرفة فى وقت واحد، فلولا أن الوقت مشترك بينهما لم يجز جمعه عليه السلام، بينهما، كما لم يجز الجمع بين الصبح وغيرها من الصلوات. قال المهلب: وإنما خطب الرسول فى حديث أنس بعد الصلاة، وذكر الساعة، وقال:(سلونى) ؛ لأنه بلغه أن قومًا من المنافقين ينالون منه، ويعجزونه عن بعض ما يسألونه عنه، فتغيظ عليهم، وقال:(لا تسألونى عن شىء إلا أخبرتكم به) ، وأما بكاء الناس، فإنهم خافوا نزول العذاب المعهود فى الأمم الخالية عند تكذيب الرسل؛ لأنهم كانوا إذا جاءتهم آية، فلم يؤمنوا لم يمطلهم العذاب، قال تعالى:(ولو أنزلنا ملكًا لقضى الأمر)[الأنعام: ٨] ، و) لقضى إليهم أجلهم) [يونس: ١١] ، فبكوا إشفاقًا من ذلك ألا ترى فهم عمر حين برك على ركبتيه، وقال: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًا، حين قال عليه السلام للسائل له عن أبيه:(أبوك حذافة) ، وكان هذا الرجل لا يعرف أبوه حتى أخبر به الرسول (صلى الله عليه وسلم) . وسأزيد فى الكلام فى معنى هذا الحديث فى كتاب الفتن، وفى كتاب الاعتصام فى باب (ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنى) ، إن شاء الله، وقال أنس:(كنا إذا صلينا خلف الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالظهائر، سجدنا على أثوابنا إتقاء الحر) ، فذلك، والله أعلم؛ لأن الحجاز كثير الحرِّ، وليس هذا فى حين شدة الحرِّ جدًا الذى أمر فيه الرسول بالإبراد؛ لأنه (صلى الله عليه وسلم) كان جُلُّ أمره المبادرة. قال غيره: ويجوز أن يبادر فى الحر بالظهر، وقد أمر بالإبراد وأخذ بالشدة على نفسه، ولئلا يظن أحد أن الصلاة لا تجوز فى