أدركوا مقدار تكبيرة الإحرام من العصر، فوافقه أبو حنيفة فى أنهم إن أدركوا من وقت صلاة مقدار تكبيرة الإحرام فقد أدركوها. واحتج أصحاب الشافعى فقالوا: إنما أراد الرسول بذكر الركعة البعض من الصلاة، فكأنه قال: من أدرك عمل بعض الصلاة فى الوقت، والدليل على ذلك قوله: من أدرك ركعة، وقال مرة أخرى: من أدرك سجدة، فدل أنه أراد البعض، والتكبير بعض الصلاة. وقال ابن القصار: فالجواب أن هذا ينقض عليه أصله فى الجمعة؛ لأنه يقول: من لم يدرك ركعة بسجدتيها من الجمعة؛ فلم يدركها. والحجة لقول مالك قوله عليه السلام:(من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر) ، فدل هذا الكلام أنه لا يكون مدركًا بإدراك أقل من ركعة؛ إذ لو كان أقل من ركعة بمنزلتها لم يكن لتخصيصها بركعة معنى، وتكبيرة الإحرام لا تسمى ركعة، ويُبين صحة هذا قوله:(من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) ، وهذا يلزم من قال: إنه إن أدرك ركعة من العصر قبل غروب الشمس وجب عليه أن يصلى الظهر والعصر؛ لأنه عليه السلام إنما جعل من أدرك ركعة من العصر قبل غروب الشمس مدركًا لصلاة واحدة وهى العصر، فلا يجوز أن يكون مدركًا لغيرها، ولا يجوز أن يجب عليه غير ما أوجبه الرسول، وقد اتفقنا أنه لو بلغ الصبى وأسلم الكافر، وطهرت الحائض فى وقت المغرب لم تلزمهم صلاة الصبح، فكذلك صلاة الظهر؛ لأنه لم يدرك من وقتها شيئًا، وأيضًا فإن الشافعى يقول: إن صلاة الظهر تفوت قبل دخول وقت العصر، فإن فاتت فلا قضاء لما فات وقته.