واختلفوا فى مغيب الشفق، فروى عن ابن عباس، وابن عمر، وعبادة بن الصامت، أنها الحمرة التى تكون فى المغرب بعد غروب الشمس، وهو قول مكحول، وابن أبى ليلى، ومالك، والثورى، والأوزاعى، وأبى يوسف، ومحمد، والشافعى، وقال أبو حنيفة، والمزنى: الشفق: البياض الذى بعد الحمرة، فإذا غاب ذلك البياض وجبت العشاء الآخرة، وقد روى عن ابن عباس أيضًا أنه البياض، وعن أبى هريرة، وأنس مثله، وهو قول عمر بن عبد العزيز. وذكر ابن شعبان، عن مالك، قال: إذا ذهبت الحمرة وبقى البياض، فأرجو أن تجزئ المصلى صلاته، وما ذلك عنده باليقين، وذهاب البياض هو الذى لا شك فيه، وفيه قول ثالث: أن الشفق اسم لمعنيين عند العرب، وهما الحمرة والبياض، وكان على يصليها إذا غاب الشفق، وقال عمر: عجلوا العشاء قبل أن يكسل العامل وينام المريض. وأما تأخيرها فسيأتى فى بابه ذكر الاختلاف فيه، إن شاء الله، وكان رسول الله يستحب تأخير العشاء، ويكره ما يشق على أمته من طول انتظارها؛ لأنه كان رءوفًا بالمؤمنين، فلذلك كان يعجلها إذا اجتمعوا. ومن هذا الحديث استدل مالك، والله أعلم، على أن صلاة الجماعة فى وسط الوقت أفضل من الصلاة فى أوله فرادى، واستحب مالك لمساجد الجماعات أن يؤخروا الصلاة حتى يجتمع الناس طلبًا للفضل؛ لأن المنتظر للصلاة فى صلاة.