عن زيد بن أسلم، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (أسفروا بالفجر، فإنه أعظم للأجر) . واحتج أهل المقالة الأولى بمداومته عليه السلام، ومداومة أصحابه على التغليس بها، ألا ترى قولها:(كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صلاة الفجر، فينصرفن متلفعات لا يعرفهن أحد من الغلس) ، وهذا إخبار عن أنه كان يداوم على ذلك، أو أنه أكثر فعله، ولا تحصل المداومة إلا على الأفضل. وزعم الطحاوى بأن آثار هذا الباب إنما تتفق بأن يكون دخوله عليه السلام، فى صلاة الصبح مغلسًا، ثم يطيل القراءة حتى ينصرف منها مسفرًا، وهذا فاسد من قوله لمخالفته قول عائشة؛ لأنها حكت أن انصرافهن من الصلاة كان ولا يُعْرَفْنَ من الغلس. وروى حماد بن سلمة، عن عبيد الله بن عمر، عن عمرة، عن عائشة قالت:(كنا نصلى مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صلاة الفجر فى مروطنا فننصرف، وما يعرف بعضنا وجوه بعض) . فبان بهذا الحديث أن النساء كن لا يُعرفن أرجال هن أم نساء؛ فإنهن كن يسرعن الانصراف عند الفراغ من الصلاة، ويدل أن الإمام لا يطيل القراءة جدًا، ولو أطالها لما انصرفن إلا فى الإسفار البيِّن. والذى يجمع بين حديث عائشة وبين قوله عليه السلام:(أسفروا بالفجر) من التأويل ما قاله أحمد بن حنبل، فإنه قال: الإسفار الذى أراد عليه السلام، هو أن يتضح الفجر، فلا يشك أنه قد طلع، قال غيره: والإسفار فى اللغة: الكشف، يقال: أسفرت المرأة عن