وفيه: رفع ما يُرجى بركته، وإهداؤه لأهل الفضل، كرفع أبى بكر بقية الطعام المبارك إلى رسول الله وإلى من بحضرته. وفيه: أن آثار الرسول (صلى الله عليه وسلم) قد تظهر على يدى غير النبى لبركة النبى عليه السلام، فتصح المعجزة منها فى زمانه، وتجوز فى غير زمانه من ذلك ما ليس بخرق عادة. وقول أبى بكر:(كُلوا لا هنيئًا) إنما خاطب بذلك أهله لا أضيافه. وفيه: أن الصديق الملاطف يجمل منه أن يهدى إلى الجليل من إخوانه يسير الهدية. وقولها:(قد عُرضوا) يريد أن خادم أبى بكر وابنه ومن رتب لخدمة الأضياف عرضوا الطعام على أضيافهم، فأبوا من أكله إلا بحضرة أبى بكر، وقد جاء هذا المعنى منصوصًا فى بدء الخلق فى باب: علامات النبوة فى الإسلام فى هذا الكتاب. وقوله:(يا غُنْثَرُ) هو من قول العرب: رجل أَغْثَر: أحمق، من ابن دريد، والغَثْرَاء: سفلة الناس وغوغاؤهم، فبنى فنعلا من أغثر على المبالغة فى السَّبِّ من هذا المعنى، وفنعل موجود فى اللغة، كقولهم: جندب وقنفذ، عن الأخفش. وقال الخطابى: غنثر مأخوذ من الغثارة، وهى الجهل، يقال: رجل غثر وأغثر إذا كان جاهلاً، وامرأة غثراء، وفى فلان غثارة، والنون فى الغنثر زائدة، وإنما سميت الضبع غثرًا لحمقها، وحكى بعض أهل اللغة الغنثرة: شرب الماء من غير عطش، رواه الخطابى من