اختلف العلماء فى وجوب الأذان، فعند مالك، وأبى حنيفة، والشافعى: الأذان سنة، وقال عطاء، ومجاهد: الأذان فرض، وهو قول الأوزاعى، واحتجوا بأن النبى، عليه السلام، أمر بلالاً أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة، وأمره على الوجوب، وحجةُ أهل المقالة الأولى أن أصل الأذان إنما يكون عن رؤيا رآها عبد الله بن زيد، فأصبح إلى النبى فأخبره برؤياه، فبينا هو يقصها إذ جاء عمر فقال: والله لقد رأيته مثل الذى رأى، فقال عليه السلام لعبد الله ابن زيد:(قم فألق على بلال فإنه أندى منك صوتًا) ، من رواية أهل المدينة والكوفة. فأما رواية أهل المدينة فرواية ابن إسحاق، عن الزهرى، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الله بن زيد، عن أبيه مثله، وأما رواية أهل الكوفى فرواية شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبى ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد: أن عبد الله بن زيد أُرى الأذان فى المنام، فأتى النبى عليه السلام، فأخبره، فقال:(عَلِّمه بلالاً) . قال ابن القصار: فكان أصل الأذان عن رؤيا ومشورة، ولو كان واجبًا لابتدأه الرسول ولم يأخذه عن منام أحد، فإن قيل: فإن الأمر وإن جرى كذلك فقد يحصل واجبًا بعد ذلك، ألا ترى أن نبى الله حكم سعدًا فى سبى بنى قُريظة فكان حكمه واجبًا بعد ذلك، ألا ترى أن نبى الله حكم سعدًا فى سبى بنى قريظة فكان حكمه واجبًا، ومعاذًا تبع الرسول فى صلاةٍ ثم مضى، فقال عليه السلام:(سن لكم معاذ سنة فاتبعوها) . قيل: إن معاذًا وسعدًا لا يجوز أن يفعلا شيئًا بين يدى النبى إلا عن أمر ظهر لهما من دينه عليه السلام، بدلالة نصبها لهما، وليس كذلك الأذان إنما كان عن رؤيا، وأما قوله:(أُمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة) ، فليس فى ظاهره إيجاب ولا ندب، وإنما هو للشفع