الباب فأن أذانه كان بعد طلوع الفجر، والحجة له على ذلك نص ودليل، فأما الدليل فقوله عليه السلام:(إن بلالاً ينادى بليل فكلوا واشربوا حتى ينادى ابن أم مكتوم) ، فلو كان أذان ابن أم مكتوم قبل الفجر لم يكن لقوله:(إن بلالاً ينادى بليل) معنى؛ لأن أذان ابن أم مكتوم أيضًا كذلك هو فى الليل، وإنما يصح الكلام أن يكون نداء ابن أم مكتوم فى غير الليل فى وقتٍ يحرم فيه الطعام والشراب اللذان كانا مباحين فى وقت أذان بلال. وقد روى هذا المعنى نصًا فى بعض طرق هذا الحديث، ذكره البخارى فى كتاب الصيام فى باب قول النبى، عليه السلام:(لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال) من رواية عائشة قالت: (إن بلالاً يؤذن بليل، فقال عليه السلام: كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر) ، وهذا نص قاطع للخلاف. وأما على من اعتل أن أذانه لو كان بعد الفجر لم يجز أن يؤمر بالأكل إلى وقت أذانه للإجماع أن الصيام واجب أول الفجر، فإنها علة لا توجب فساد معنى الصيام، وإنما كان أذان ابن أم مكتوم علامة لتحريم الأكل لا للتمادى فيه، ولابد أنه كان له من يراعى له الوقت ممن يقبل قوله ويثق بصحته من وكل بذلك منه. وقد قال ابن القاسم: إنه من طلع عليه الفجر وهو يأكل أو يجامع فليلق ما فى فيه ولينزل عن امرأته، ولا خلاف فى الأكل والشرب، وإنما اختلفوا فى الوطء على ما يأتى ذكره فى كتاب الصيام، ولم يكن الصحابة ليخفى عليهم إيقاع الأكل فى غير وقته فيزاحمون به أذان ابن أم مكتوم، بل كانوا أحوط لدينهم وأشد تحرزًا من ذلك، وقد بين هذا ما رواه شعبة، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن عمته أنيسة، وكانت قد خرجت مع