فإن قال قائل: فما معنى اختلاف الدرجات والأجزاء فى الآثار، فمرة قال:(بسبع وعشرين درجة) ، ومرة قال:(بخمسة وعشرين جزءًا؟) . فالجواب: أن الفضائل لا تدرك بالرأى، وإنما تدرك بالتوقيف، وهذا الاختلاف له معنى صحيح يؤيد بعضه بعضًا، وذلك أنه يحتمل أن يكون عليه السلام أعلمه الله عز وجل، أن فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ بخمسة وعشرين جزءًا، ثم زاد تعالى فى فضل الجماعة على صلاة الفذ، فكمله سبعًا وعشرين، ومثل هذا المعنى كثير فى شريعته عليه السلام. فقد أخبر عليه السلام أنه من (صلى عليه مائة من المؤمنين، شفعوا فيه) ، وفى حديث آخر:(من صلى عليه أربعون) . وفى حديث آخر:(ما من مسلم يشهد له أربعة بخير إلا أدخله الله الجنة، فقيل: وثلاثة؟ قال: وثلاثة، قيل: واثنان؟ قال: واثنان) . وهذا كله إنما كان ينزل على النبى فيه الوحى، ويعلم بما لم يعلم قبل ذلك، كما قال له تعالى:(قل ما أدرى ما يفعل بى ولا بكم)[الأحقاف: ٤٦] ، ثم أعلمه بعد ذلك أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكان يخبر أمته على حسب ما يوحى إليه، ولم ينطق عن الهوى، فكذلك تضعيف ثواب صلاة الجماعة، والله أعلم. وفيه وجه آخر يحتمل أن يكون السبع والعشرون الدرجة للعشاء والصبح، ويكون لسائر الصلوات خمس وعشرون درجة، وسأذكر وجه ذلك فى الباب بعد هذا إن شاء الله.