تخط رجلاه الأرض، دلَّ على فضل الشدة على الرخصة، ورغب أمته فى شهود الجماعات؛ لما لهم فيها من عظيم الأجر، ولئلا يعذر أحد منهم نفسه فى التخلف عنها ما أمكنه وقدر عليها، إذ لم يعذر نفسه عليه السلام، ولم يرخص لها فى حال عجزه عن الاستقلال على قدميه مع علمه أن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وبذلك عمل السلف الصالحون، فكان الربيع بن خثيم يخرج إلى الصلاة يهادى بين رجلين، وكان أصابه الفالج، فيقال له: إنك لفى عذر، فيقول: أجل، ولكنى أسمع المؤذن يقول: حى على الصلاة، حى على الفلاح، فمن سمعها فليأتها ولو حبوًا. وكان أبو عبد الرحمن السلمى يُحمل وهو مريض إلى المسجد. وقال سفيان: كان سويد بن غفلة ابن ست وعشرين ومائة سنة يخرج إلى الصلاة. وكان أبو إسحاق الهمدانى يهادى إلى المسجد، فإذا فرغ من صلاته لم يقدر أن ينهض حتى يقام. وقال سعيد بن المسيب: ما أَذَّن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا فى المسجد. وقول عائشة:(إن أبا بكر رجل أسيف) ، يعنى: سريع الحزن والبكاء، والأسف عند العرب: شدة الحزن والتندم، يقال منه: أسف فلان على كذا يأسف، إذا اشتد حزنه، وهو رجل أسيف وأسُوف، ومنه قول يعقوب:(يا أسفى على يوسف)[يوسف: ٨٤] ، يعنى: يا حزنا ويا جزعا؛ توجعًا لفقده وقيل: قال الخزاعى: