الواجب عليه اللازم له أن يبدأ به، فبين العلة فى قوله عليه السلام:(ابدءوا بالعشاء) أنها لما يخاف من شغل البال، وقد رأينا شغل البال فى الصلاة لا يفسدها؛ ألا ترى أن النبى صلى فى جُبة لها علم، فقال:(خذوها وائتونى بأنبجانية) ، فأخبر أن قلبه اشتغل بالعلم ولم تبطل صلاته. وقال عمر بن الخطاب: إنى لأجهز جيشى وأنا فى الصلاة. وقال عليه السلام:(لا يزال الشيطان يأتى أحدكم فيقول له: اذكر كذا، حتى يضل الرجل، لا يدرى كم صلى) ، ولم يأمرنا بإعادتها لذلك، وإنما استحب أن يكون المصلى فارغ البال من خواطر الدنيا؛ ليتفرغ لمناجاة ربه. وقد اشترط بعض الأنبياء على من يغزو معه أن لا يتبعه من ملك بُضع امرأة ولم يبن بها، ولا من بنى دارًا ولم يكملها؛ ليتفرغ قلبه من شواغل الدنيا، فهذا فى الغزو، فكيف فى الصلاة التى هى أفضل الأعمال، والمصلى واقف بين يدى الله. وقد احتج بهذا الحديث الكوفيون، وأحمد، وإسحاق، فى أن وقت المغرب واسع، وقالوا: لو كان لها وقت واحد، ما كان لأحدٍ أن يشتغل فيه بالأكل حتى يفوت.