للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَرْجِعُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ، فَصَلَّى الْعِشَاءَ، فَقَرَأَ بِالْبَقَرَةِ، فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ، فَكَأَنَّ مُعَاذ يَنَالَ مِنْهُ، فَبَلَغَ الرسول، فَقَالَ: (فَتَّانٌ، فَتَّانٌ، فَتَّانٌ) ، ثَلاثَ مرَات، وَأَمَرَهُ بِسُورَتَيْنِ مِنْ أَوْسَطِ الْمُفَصَّلِ) . قَالَ عَمْرٌو: لا أَحْفَظُهُمَا. وترجم له: (باب من شكا إمامه إذا طول) . لما أمر الرسول بالتخفيف كان من طول بالناس عاصيًا، ومخالفة العاصى جائزة؛ لأنه لا طاعة إلا فى المعروف. وقد احتج أصحاب الشافعى بأن النبى لم ينكر على الرجل الذى خرج من صلاة معاذ ولا أمره بالإعادة، قال ابن القصار: واختلفوا فيمن دخل مع إمام فى صلاة فصلى بعضها هل يجوز له أن يخرج منها فيتم منفردًا؟ قال الشافعى: يجوز له أن يخرج منها بعذر أو بغير عذر، وقال أبو حنيفة: لا يجوز له. والأمر عندى محتمل لأن مالكًا قال فى الإمام: إذا أحدث وقد مضى بعض صلاته أنه يستخلف من يتم بهم، فإن لم يفعل قدموا من يتم بهم، فإن لم يفعلوا وصلوا وحدانًا، فإنه يجزئهم إلا فى الجمعة؛ لأنها لا تكون إلا بجماعة، وهؤلاء، فإن كان إمامهم بدأ بالخروج، فقد اختاروا ترك تمامها بجماعة، ويجوز أن لا يجزئه إذا خرج نفسه من غير عذر. ويكون الفرق بينهما أنه إذا كان الإمام باقيًا فى الصلاة، فإن الصلاة متعلقة به، فما دام باقيًا فقد تعلقت صلاتهم بصلاته فلم تجز مخالفته باختيار المأمومين الخروج منها لغير عذر؛ لأنه يؤدى إلى الشتات وإلى ترك ما ألزمه نفسه من الجماعة التى هو مندوب إليها، وإذا دخل الإنسان فى طاعة وجب عليه المضى فيها إلا أن يطرأ عليه عذر.

<<  <  ج: ص:  >  >>