من صلب الصلاة، ولا تجزئ الصلاة إلا بإصابتها، فرأينا التكبير بين السجدتين ليس كذلك؛ لأنها لو تركها تارك لم تفسد صلاته، فأشبه تكبير الركوع فى ذلك لإجماعهم أن من ترك تكبير الركوع والسجود فصلاته تامة، فكانتا كهى فى أنه لا رفع فيهما كما لا رفع فيها. قال المهلب فى معنى رفع اليدين فى افتتاح الصلاة: إنما هو علم للتكبير؛ ليرى حركة اليدين من لم يسمع التكبير، فيعرف أن الإمام كبر، فيوقع إحرامه بعد إمامه، وأما غير ذلك من التكبير فهو بحركات فيستوى الناس كلهم فيها. واختلفوا إلى أين يرفع المكبر يديه، فقال مالك: يرفعهما حذو منكبيه، وهو قول الشافعى، وأحمد، وإسحاق، واحتجوا بحديث ابن عمر، وقال أبو حنيفة: يرفع يديه حذو أذنيه، واحتجوا بما رواه سفيان، عن يزيد بن أبى زياد، عن ابن أبى ليلى، عن البراء بن عازب قال:(كان نبى الله إذا كبر للافتتاح رفع يديه حتى تكون إبهاماه قريبًا من شحمتى أذنيه) ، ورواه مالك بن الحويرث، ووائل بن حجر عن الرسول. قال ابن القصار: فيحمل حديث ابن عمر على الاختيار وحديث البراء على الجواز. وقال الطحاوى: إنما كان الرفع إلى المنكبين فى حديث ابن عمر وقت كانت يداه فى ثيابه بدليل ما رواه شريك، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر قال:(أتيت النبى، عليه السلام، فرأيته يرفع يديه حذاء أذنيه إذا كبر، ثم أتيته من العام المقبل وعليهم الأكسية والبرانس، فكانوا يرفعون أيديهم فيها، وأشار شريك إلى صدره) ، فأخبر وائل أن رفعهم إلى مناكبهم إنما كان لأن أيديهم كانت فى ثيابهم، وأن رفعهم أيديهم إلى آذانهم كان حين كانت