يجعلون سباب المسلم فسوقًا، ولا قتاله كفرًا، ولا يُفسقون مرتكبى الذنوب، وقولهم مخالف لقول النبى، وليس يريد بقوله: تمت وقتاله كفرٌ - الكفر الذى هو الجحد لله ولرسله، وإنما يريد كفر حق المسلم على المسلم، لأن الله قد جعل المؤمنين إخوةً، وأمر بالإصلاح بينهم ونصرتهم، ونهاهم برسوله، (صلى الله عليه وسلم) ، عن التقاطع، وقال: تمت المؤمن للمؤمن كالبنيان يَشُدُّ بعضه بعضًا -، فنهى عن مقاتلة بعضهم بعضًا، وأخبر أن من فعل ذلك، فقد كفر حق أخيه المسلم. وقد ترجم لهذا الحديث فى كتاب الفتن، باب قول الرسول: تمت لا ترجعوا بعدى كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض -. وقد يحتمل قوله (صلى الله عليه وسلم) : تمت وقتاله كفرٌ -، أن تكون المقاتلة بمعنى المشاركة والتناول له باليد والتطاول عليه، كما قال فى المار بين يدى المصلى: تمت فليدرأه، فإن أَبَى فليقاتله -، ولم يرد (صلى الله عليه وسلم) قطع الصلاة، واستباحة دَمِّه، وإنما أراد دفعه بالشدة والقوة. على هذا يدل مساق الكلام لذكره معه السباب، والعرب تُسمى المشاركة مقاتلة. والدليل على صحة قولنا: إجماع أهل السُّنَّة أن قتل المسلم للمسلم لا يخرجه من الإيمان إلى الكفر، وإنما فيه القود. فينبغى للمؤمن ترك السباب والمشاركة والملاحاة، ألا ترى عظيم ما حَرَم الله عباده من بركة علم ليلة القدر من أجل تلاحى