قالوا: وحديث عبادة ليس على العموم؛ لأن المأموم لا تجب عليه قراءة فيما جهر فيه الإمام عند مخالفنا، ويحملها الإمام عنه فيما أسرّ فيه إذا نسيها المأموم. وحجة من أوجبها قوله:(لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) ، فنفى أن تكون صلاة لمن لم يقرأ بها فهو على ظاهره إلا ما خصته الدلالة. وأما قوله عليه السلام للذى رده ثلاثًا:(اقرأ ما تيسر معك من القرآن) ، فهو مجمل، وحديث عبادة مفسر، والمفسر قاض على المجمل، فكأنه قال: اقرأ ما تيسر معك من القرآن، أى: اقرأ فاتحة الكتاب التى قد أعلمت أنه لا صلاة إلا بها فهى ما تيسر من القرآن. واختلفوا فى قوله عليه السلام:(لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) ، إن كان على العموم أو الخصوص، فقالت طائفة: هو على العموم، ويجب على المرء فى كل ركعة قراءة فاتحة الكتاب صلاها منفردًا أو مأمومًا، أو إمامًا فيما يجهر فيه الإمام أو يسر، هذا مذهب الأوزاعى، والشافعى، وأبو ثور، وإلى هذا أشار البخارى فى قوله: وجوب القراءة للإمام والمأموم. وقالت طائفة: قوله: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) ، على العموم إلا أن يصلى خلف الإمام فيما يجهر فيه الإمام ويسمع قراءته، فإنه لا يقرأ لقوله:(وإذا قُرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا)[الأعراف: ٢٠٤] ، ولا يختلف أهل التأويل أن المراد بهذه الآية سماع القرآن فى الصلاة، ومعلوم أن هذا لا يكون إلا فى صلاة الجهر؛ لأن السر لا يستمع إليه ولقوله عليه السلام:(إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا) ، وقد صححه أحمد بن حنبل، هذا قول مالك، وأحمد، وإسحاق.