للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الطبرى: وليس فى خبر ابن عباس إنكاره القراءة فى الظهر والعصر خلاف فيما ثبته عن النبى، عليه السلام، أنه قرأ فيها؛ لأن ابن عباس لم يذكر أن النبى، عليه السلام، قال له: لا قراءة فى الظهر والعصر، وإنما أخبر أنه سكت فيهما، وغير نكير أن يقول إذا لم يسمعه يقرأ أنه سكت، فيخبر بما كان من حاله عنده، والذى أخبر ابن عباس أن النبى لم يقرأ كان الحق عنده، والذى أخبر أنه قرأ فإنه سمع قراءته. فمن سامع منه الآية ومن سامع منه سورة، ومن سامع منه أمره بالقراءة فى الصلاة، فوجه ذلك إلى أنه أمر بالقراءة فى جميع الصلاة، ووجهه غيره إلى أنه أمر بذلك فى بعض الصلاة، ومن رآه يحرك شفتيه فى الظهر والعصر، فوجهه إلى أنه لم يحركهما إلا بقراءة القرآن، فكل أخبر بما عنده، وكل كان صادقًا عند نفسه. والمصيب عين الحق أخبر أنه كان يقرأ فى الظهر والعصر وذلك أن فى خبر أبى قتادة أنه كان يسمعهم الآية أحيانًا، فالشاهد إنما يستحق أن يسمى شاهدًا فيما أخبر عن سماع أو رؤية. فأما من أخبر أنه لم يسمع ولم ير فغير جائز أن يجعل خبره خلافًا لخبر من قال: رأيت أو سمعت؛ لأن من قال: رأيت أو سمعت فهو الشاهد، ومن قال: لم أسمع، فقد أخبر عن نفسه أنه لا شهادة عنده فى ذلك، والنفى لا يكون شهادة فى قول أحد من أهل العلم. وقال الطحاوى: وأما النظر فى ذلك، فإنا رأينا القيام والركوع والسجود فرائض لا تجزئ الصلاة إذا ترك شيئًا منها، وكان ذلك فى سائر الصلوات سواء، فرأينا القعود الأول سنة فى الصلوات كلها

<<  <  ج: ص:  >  >>