الرسول، (صلى الله عليه وسلم) ، أنه قال: تمت اتقوا الرياء، فإنه الشرك الأصغر -. والرياء ينقسم قسمين: فإن كان الرياء فى عقد الإيمان فهو كفر ونفاق، وصاحبه فى الدرك الأسفل من النار، فلا يصح أن يخاطب بهذا الحديث. وإن كان الرياء لمن سلم له عقد الإيمان من الشرك، ولحقه شىء من الرياء فى بعض أعماله، فليس ذلك بمخرج من الإيمان إلا أنه مذموم فاعله، لأنه أشرك فى بعض أعماله حَمْدَ المخلوقين مع حَمْدِ ربه، فَحُرم ثواب عمله ذلك. يدل على هذا حديث أبى سعيد الخدرى، قال: تمت خرج علينا رسول الله ونحن نتحدث عن الدَّجال، فقال: إن أخوف عندى من ذلك الشرك الخفى، أن يعمل الرجل لمكان الرجل، فإذا دَعَا الله بالأعمال يوم القيامة، قال: هذا لى، فما كان لى قبلته، وما لم يكن لى تركته -، رواه الطبرى. فلا محالة أن هذا الضرب من الرياء، لا يوجب الكفر، وهذا المعنى فى الحديث. قال (صلى الله عليه وسلم) : تمت الشرك أخفى فيكم من دبيب النمل -، ثم قال: تمت يا أبا بكر، ألا أدلك على ما يُذهب صغير ذلك وكبيره، قل: اللهم إنى أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم -. وفى بعض الطرق يقول ذلك ثلاث مرات. فبان بهذا الحديث أن من كان هذا القدر من الرياء فيه خفيًا كخفاء دبيب النمل على الصفا، أن عقد الإيمان ثابت له، ولا يخرج بذلك