آمين، وقال الناس: آمين، فلما سلم قال: والله إنى لأشبهكم صلاة برسول الله، فهذا فعل أبى هريرة وهو راوى الحديث عن الرسول، وأقسم أنه أشبههم صلاة برسول الله، فعلى هذا ينتفى التعارض من هذا الحديث، وبين قوله: إذا أمن الإمام فأمنوا. وقد جمع الطبرى بين الحديثين فقال: ليس فى أحدهما دفع لصاحبه؛ لأن الحديثين كلاهما عن أبى هريرة، وذلك أن التأمين فى الصلاة ليس من الأمور التى لا يجوز تركها، وإنما المصلى مندوب إليه إمامًا كان أو مأمومًا، فأخبر عليه السلام، أن المأموم إذا أمن بعد فراغ الإمام من فاتحة الكتاب فله من الأجر ما ذكر، وكذلك إذا أمن بعد تأمين الإمام فله من الأجر مثل ذلك، وليس فى أحد الحديثين معنى يدفع ما فى الآخر، بل فى كل واحد منهما ما فى الآخر من وجه، وفيه ما ليس فى الآخر من وجه، فالذى فيه ما ليس فى الآخر أمر من خلف الإمام بالتأمين إذا أمن القارئ، والذى فى الآخر أمرٌ لهم بالتأمين إذا قال الإمام:(ولا الضالين (، وإن لم يؤمن الإمام، فذلك زيادة معنى على ما فى الحديث الآخر، وأما ما هما متفقان فيه ما لقائل ذلك من الثواب، وهذا المراد من الحديث سواء أمن الإمام أم لا. وأما جهر المأموم بالتأمين فليس بينا فى الحديث؛ لأن قوله عليه السلام: (فقولوا آمين) ، لا يقتضى الجهر دون السر، لكن لما كان الإمام يجهر بالتأمين، ولولا ذلك ما سمعه المأموم، وكانوا مأمورين باتباع الإمام فى فعله وجب على المأموم الجهر بها كما جهر بها الإمام، هذا وجه الترجمة.