للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن رفع رأسه من السجود، فلم يعتدل جالسًا حتى سجد: يستغفر الله ولا يعود. وذكر ابن المواز عن ابن القاسم مثله، وهو قول أبى حنيفة، ومحمد. وكذلك اختلفوا فيمن خرَّ من ركوعه ساجدًا، ولم يرفع رأسه، فروى عيسى عن ابن القاسم أنه لا يعتد بتلك الركعة، واستحب مالك أن يتمادى ويعيد الصلاة، وفى (المجموعة) روى على بن زياد، عن مالك أن من فعل ذلك ساهيًا، فليسجد قبل السلام وتجزئه تلك الركعة، وفى (الواضحة) عن ابن كنانة: تجزئه تلك الركعة، واحتج أبو عبد الله بن أبى صفرة لهذا القول أن النبى، عليه السلام، أمر هذا الرجل حين لم يكمل الركوع والسجود بالإعادة، ولم يأمر الذين نقصوا الركوع والسجود بالإعادة حين قال لهم: (إنى أراكم من وراء ظهرى) ، فدل ذلك من فعله أن الطمأنينة لو كانت فريضة، لما ترك الذين قال لهم: لا يخفى علىّ خشوعكم حتى يبين لهم ذلك؛ لأنه بُعث معلمًا. قال المهلب: والدليل على صحة هذا القول أنه لما أمر الذى لم يحسن صلاته بالإعادة مرة بعد أخرى، ولم يحسن قال له: والله ما أحسن غير هذا فعلِّمنى، فوصف له عليه السلام هيئة الصلاة، ولم يأمره أن يعيد الصلاة التى نقصها مرة أخرى على الصفة التى علمه، ولم يقل له: لا يجزئك حتى تصلى هذه الصلاة على هذه الصفة، وإنما علمه كيف يصلى فيما يستقبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>