للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون ما فعله رسول الله فيه لعلة كانت به فقعد من أجلها، لا لأن ذلك من سنة الصلاة، كما كان ابن عمر يتربع فى الصلاة، فلما سئل عن ذلك قال: إن رجلاى لا تحملانى، فكذلك احتمل أن يكون ما فعله رسول الله من القعود كان لعلةٍ أصابته حتى لا يضاد حديث مالك ابن الحويرث، وهذا أولى بنا من حمل ما روى عنه على التنافى والتضاد. وحديث أبى حميد أيضًا حكاه بحضرة جماعة من أصحاب الرسول فلم ينكر عليه ذلك أحد منهم، فدل أن ما عندهم فى ذلك غير مخالف لما حكاه لهم فى حديث مالك ابن الحويرث من قول أيوب أن ما كان عمرو بن سلمة يفعله من ذلك لم ير الناس يفعلونه، وهو قد رأى جماعة من جلة التابعين، فذلك حجة فى دفع حديث مالك بن الحويرث أن تكون سنة. ثم النظر يوافق ما رواه أبو حميد، وذلك أنا رأينا الرجل إذا خرج فى صلاته من حال إلى حال استأنف ذكرًا، من ذلك أنا رأيناه إذا أراد الركوع كبر وخر راكعًا، وإذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده، وإذا خر من القيام إلى السجود قال: الله أكبر، وإذا رفع رأسه من السجود قال: الله أكبر، وإذا عاد إلى السجود فعل ذلك أيضًا، وإذا رفع رأسه لم يكبر من بعد رفعه رأسه إلى أن يستوى قائمًا غير تكبيرة واحدة، فدل ذلك أنه ليس بين سجوده وقيامه جلوس، ولو كان بينهما جلوس لاحتاج إلى أن يكون يكبر بعد رفعه رأسه من السجود للدخول فى ذلك الجلوس، ولاحتاج إلى تكبيرة أخرى إذا نهض للقيام، فلما لم يؤمر بذلك، ثبت أن لا قعود بين الرفع من السجدة الآخرة والقيام إلى الركعة التى بعدها؛ ليكون ذلك وحكم سائر الصلاة مؤتلفًا غير مختلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>