فرض، واحتج الشافعى بقوله عليه السلام:(فإذا صلى أحدكم فليقل: التحيات لله) ، قالوا: وأمره على الوجوب، فجاوبهم أهل المقالة الأولى فقالوا: ليس كل أمره على الوجوب؛ لأن الدلالة قد قامت على أن التكبير فى غير الإحرام والتسبيح فى الركوع والسجود ليس بواجب، وقد أمر به عليه السلام وفعله، وقال حين نزلت:(فسبح باسم ربك العظيم)[الواقعة: ٧٤ - ٩٦] ، (اجعلوها فى ركوعكم) ، ولما نزلت:(سبح اسم ربك الأعلى)[الأعلى: ١] ، قال:(اجعلوها فى سجودكم) ، وتلقى العلماء والشافعى معهم هذا الأمر على الندب، ولم يقم عنده فرضه بفعله عليه السلام، وأمره به، فكذلك فعله التشهد، وأمره به ليس بفرض؛ لأن كليهما عنده ذكر ليس من عمل بدن، وقد يأمر عليه السلام، بالسنن كما يأمر بالفرائض، وأيضًا فإنه لما ناب سجود السهو عن التشهد فى الأولى وعن الجلوس فيها، فأحرى أن ينوب عن التشهد فى الآخرة إذا جلس فيها وسها عن التشهد. فإن قيل: الجلسة الآخرة فريضة، فكذلك ذكرها، كما الجلسة الأولى سنة وذكرها مثلها. قيل: لا تكون الجلسة الآخرة مقدرة بذكرها وإنما هى للسلام، وقد روى جماعة من السلف أنه من رفع رأسه من آخر سجدة، فقد تمت صلاته، روى ذلك عن على بن أبى طالب، وعن سعيد بن المسيب، والحسن، وإبراهيم، وقال عطاء: من نسى التشهد فصلاته جائزة، وعن الحكم وحماد مثله.