عم جميع الدعاء، لم يُخصَّ بعضه إلا بدليل، واستعاذته فى حديث عائشة من عذاب القبر، ومن فتنة المسيح الدجال، ومن فتنة المحيا والممات، ومن المأثم والمغرم ليس شىء منه فى القرآن، وقد روى عن جماعة من السلف مثل ذلك، روى عن ابن عمر أنه قال: إنى لأدعو فى صلاتى حتى لشعير حمارى وملح بيتى، وعن عروة بن الزبير مثله. وكان رسول الله يدعو فى الصلاة فيقول:(اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام والمستضعفين من المؤمنين، واشدد وطأتك على مضر) . فإن قيل: يحتمل أن يكون هذا وقت إباحة الكلام فى الصلاة، ثم نسخ بعد ذلك. قيل: قد روى عن السلف استعمال الحديث، ولا يجوز أن يخفى عليهم نسخه لو نسخ، فكان على بن أبى طالب يقنت فى صلاة على قوم يسميهم، وكان أبو الدرداء يدعو لسبعين رجلاً فى صلاته، وعن ابن الزبير أنه كان يدعو للزبير فى صلاته، فإذا انضاف قول هؤلاء إلى قول عروة، وابن عمر جرى مجرى الإجماع؛ إذ لا مخالف لهم، وقد كان عليه السلام يدعو فى سجوده:(أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك، لا أحصى ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك) ، وهذا مما ليس فى القرآن، فسقط قول المخالف، وروى عن ابن سيرين أنه قال: يجوز الدعاء فى المكتوبة بأمر الآخرة، فأما الدنيا فلا، فقال ابن عون: أليس فى القرآن: (واسألوا الله من فضله)[النساء: ٣٢] ؟ ، فسكت. وترجم فى كتاب الدعاء:(باب الدعاء فى الصلاة) ، وسيأتى فيه شىء من الكلام فى حديث أبى بكر، إن شاء الله.