معانٍ من هذا الحديث، فقال بعضهم: إنما خرج النهى عن مسجد الرسول خاصة من أجل ملائكة الوحى. وقال جمهور العلماء: حكم مسجد الرسول وحكم سائر المساجد سواء، وملائكة الوحى وغيرها سواء؛ لأنه قد أخبر عليه السلام أنه يتأذى منه بنو آدم، وقال:(يؤذينا بريح الثوم) ، ولا يحل أذى الجليس المسلم حيث كان. وروى ابن وهب عن مالك أنه قال: من أكل الثوم يوم الجمعة لا أرى له أن يشهد الجمعة فى المسجد ولا رحابه، وبئس ما صنع من أكل الثوم وهو ممن تجب عليه الجمعة. وفيه: دليل أن كل ما يتأذى به كالمجذوم وشبهه يبعد عن المسجد وحلق الذكر، وقد قال سحنون: لا أرى الجمعة تجب على المجذوم، واحتج بقوله عليه السلام:(من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا) . وأفتى أبو عمر أحمد بن عبد الملك بن هاشم فى رجل شكا جيرانه أنه يؤذيهم فى المسجد بلسانه، قال: يخرج عن المسجد، ويبعد عنه ونزع بهذا الحديث، وقال: أذاه أكثر من أذى الثوم، وهذا الحديث أصل فى نفى كل ما يتأذى به. وفيه: أن الخضر كانت عندهم بالمدينة، وفى إجماع أهلها على أنه لا زكاة فيها دليل على أن رسول الله لم يأخذ منها الزكاة، ولو أخذ منها لم يخف على جميعهم ولنقل ذلك، وهو قول مالك،