الغدو رواحًا، قال الله تعالى:(غدوها شهر ورواحها شهر)[سبأ: ١٢] ، فدل أن الغدو خلاف الرواح، والفرق بينهما مستفيض فى كلام الناس، والآثار الصحاح تشهد لقول مالك والفعل بالمدينة؛ لأنه أمر متردد فى كل جمعة لا يخفى على عامة العلماء، وروى أشهب عن مالك قال: التهجير إلى الجمعة ليس هو الغدو، ولم يكن الصحابة يغدون هكذا. وروى الزهرى عن سعيد بن المسيب، عن أبى هريرة، عن النبى، عليه السلام، قال:(إذا كان يوم الجمعة قام على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول، فالمهجر إلى الجمعة كالمهدى بدنة، ثم الذى يليه كالمهدى بقرة، ثم الذى يليه كالمهدى كبشًا. . .) إلى آخر الحديث. والمهجر: مأخوذ من الهاجرة والهجير، وذلك وقت المسير إلى الجمعة، ولا يجوز أن يسمى عند طلوع الشمس هاجرة ولا هجيرًا، وقال فى الحديث:(ثم الذى يليه) ، ولم يذكر الساعات، فدل على صحة قول مالك. قال المهلب: وفيه دليل على أن المسارع إلى طاعة الله والسابق إليها أعظم أجرًا؛ ألا ترى أنه قد مثل ذلك بهدى البدنة، ثم الرائح بعده كمهدى البقرة إلى البيضة، فأراد عليه السلام أن يرى فضل ما بين البقرة والبدنة، ويدل على تفاوت ما بين السابق والمسبوق فى الفضل، وجعل الرواح إلى خروج الإمام. وقوله:(فإذا خرج الإمام طويت الصحف) ، فدل على أنه