السلام، إنما هو أن يشهد الجمعة بالصفة التى وصفها وأنصت لخطبة إمامه وقراءته فى صلاته دون من لم ينصت. فإن قيل: فإذا كان كما وصفت، فما أنت قائل فيمن كان بهذه الصفة وكان من الإمام بحيث لا يبلغه صوته أو كان بحيث يبلغه صوته لو رفع، غير أن الإمام خفض صوته، فلم يسمع خطبته ولا قراءته، هل يستحق الثواب الذى ذكره النبى، عليه السلام، أم لا؟ . قيل: إذا كان بعض هذه العلل فالله تعالى، أكرم من أن يحرم عبدًا له مطيعًا، انتهى فى أمره إلى ما أمر به، ثواب عمله بسبب مانع منعه إلى ما قصده وأراده. وقوله عليه السلام:(اغتسلوا يوم الجمعة وإن لم تكونوا جنبًا) ، فإنه محمول عند الفقهاء على الاستحباب والندب كما تقدم فى باب فضل الغسل يوم الجمعة، وقال ابن المنذر: أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يقولون: يجزئ غسل واحد للجنابة والجمعة. وابن المنذر صاحب (الإشراف) ، هو القائل: وروينا هذا عن ابن عمر، ومجاهد، ومكحول، ومالك، والثورى، والأوزاعى، والشافعى، وأبى ثور، وقال أحمد: أرجو أن يجزئه، وهو قول ابن كنانة، وأشهب، وابن وهب، ومطرف، وابن الماجشون، وابن نافع، ورواه عن مالك، وهو قول المزنى. وقال آخرون: لا يجزئه غسل الجمعة عن غسل الجنابة حتى ينويها، هذا قول مالك فى المدونة وذكره ابن عبد الحكم، وذكر ابن المنذر عن بعض ولد أبى قتادة أنه قال: من اغتسل للجنابة يوم الجمعة اغتسل للجمعة. وقال ابن حبيب: لم يختلف قول مالك ومن علمت من أصحابنا، فيمن اغتسل للجنابة وهو ناسٍ للجمعة أن ذلك لا يجزئه عن