وروى ابن وهب، عن أسامة بن زيد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله ابن عمرو بن العاص أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما) . وفى قوله:(لا يفرق بين اثنين) ، حض على التبكير إلى الجمعة؛ ليصل إلى مكان مصلاه دون تخط ولا تفريق بين اثنين. اختلف العلماء فى التخطى، فكرهه أبو هريرة، وسلمان، وكعب، ورواه ابن أبى شيبة عن أبى هريرة قال: لأن أصلى بالحرة أحب إلىّ من أن أتخطى رقاب الناس يوم الجمعة، وعن سعيد بن المسيب مثله، وقال كعب: لأن أدع الجمعة أحب إلى من أن أتخطى رقاب الناس يوم الجمعة، وقال سلمان: إياك والتخطى واجلس حيث بلغتك الجمعة، وهو قول عطاء، والثورى، وأحمد بن حنبل. وفيه قول ثان: قال قتادة: يتخطاهم إلى مجلسه، وقال الأوزاعى: يتخطاهم إلى السعة، وهذا يشبه قول الحسن البصرى قال: لا بأس بالتخطى إذا كان فى المسجد سعة، وقال الشافعى: أكره التخطى قبل دخول الإمام وبعده إلا أن لا يجد السبيل إلى المصلى إلا بأن يتخطى فيسعه التخطى. وفيها قول ثالث: روى عن أبى نضرة قال: يتخطاهم بإذنهم، وكان مالك لا يكره التخطى إلا إذا كان الإمام على المنبر، ولا بأس به قبل ذلك إذا كان بين يديه فرج، وذكر الطحاوى عن الأوزاعى مثله، قال: التخطى الذى جاء فيه القول إنما هو والإمام يخطب؛ لأن الآثار تدل على ذلك؛ ألا ترى قوله عليه السلام:(الذى يتخطى رقاب الناس فيفرق بين الاثنين بعد خروج الإمام كالجار قصبه فى النار) ، وقوله للذى يتخطى وهو يخطب:(آذيت وآنيت) .