قال مالك: ومن لا يرقى على المنبر عندنا، فمنهم من يقوم عن يسار المنبر، ومنهم من يقوم عن يمينه وكل واسع، وروى أن أبا بكر الصديق نزل بعد النبى، عليه السلام، درجةً من المنبر تواضعًا منه، ولم ير نفسه أهلاً لموضع النبى، عليه السلام، وكذلك فعل عمر نزل بعد أبى بكر، فكان يخطب على الأولى، وكان المنبر من ثلاث درجات. وجماعة الفقهاء على أن الخطبة من شرط الجمعة لا تصح إلا بها، ومتى لم يخطب الإمام صلى أربعًا، وشذ الحسن البصرى فقال: تجزئهم جمعتهم خطب الإمام أو لم يخطب، ذكره ابن المنذر عنه، وذكر عبد الوهاب أنه قول أهل الظاهر. ويرد قولهم أن النبى، عليه السلام، لم يجمع قط إلا بخطبة، نقل ذلك الكافة عن الكافة ومن لا يجوز عليه السهو، ولو كانت الجمعة تجزئ بغير خطبة لبين ذلك لأمته، وقد قال عمر بن الخطاب: إنما قصرت الصلاة من أجل الخطبة، وقال سعيد بن جبير: إن الخطبة جعلت مكان الركعتين. وحديث جابر يعارض حديث سهل فى الظاهر؛ لأنه قال عليه السلام، فى حديث سهل:(مُرى غلامك النجار يعمل لى أعوادًا أجلس عليهن إذا كلمت الناس) ، فدل هذا أنه كان يخطب جالسًا، وقال جابر فى حديثه:(كان جذع يقوم إليه النبى، عليه السلام) ، فدل هذا أنه كان يخطب قائمًا، والذى يجمع بين الحديثين وينفى التعارض أنه لم يحفظ عنه، عليه السلام، أنه خطب للجمعة قط إلا قائمًا، وقد قال بعض العلماء فى قول الله تعالى: (وتركوك