عليه أنه يجزئه مما يعترض به فى هذا الباب، لأن من وقف بعرفة مغمى عليه فهو كمن أغمى عليه بعد الفجر فى يوم الصيام والإغماء: مرض، والمرض لا يبطل الصوم إلا أن يفطر فيه، وليس فى الإغماء أكثر من عدم العلم بالصوم، وعدم العلم به بعد الدخول فيه لا يبطله دليله النوم والنسيان فهو باق على حكم صيامه، وكذلك من أحرم وهو صحيح فحدث له الإغماء فهو باق على حكم إحرامه. وقال أبو محمد الأصيلى: النية والقصد عند الإحرام تجزئ كالإحرام للصلاة، فإذا أحرم بنية وقصد فإن غيرت النية تعد مع سائر الامتثال أجزأت الصلاة، وكذلك الوقوف بعرفة، ولا يعترض بالصغيرة تجب عليها العدة، وهى غير مخاطبة بالعبادة، لأنها قد تصح منها النية والقصد إلى القربة، وإن لم تكن مكلفة فوليها مكلف فى حملها عليها، ألا ترى أن المرأة التى حجت بالصبى الصغير، قالت: تمت ألهذا حج يا رسول الله؟ قال: نعم، ولك أجر - يعنى فى إحجاج الصبى. وكذلك من أوجب الزكاة فى مال الصغير، جعل الزكاة طهرة للمال وحقا فيه، وجعل ولى الصغير مخاطبًا فيه بدليل قوله: تمت ولك أجر -. قال الطبرى فى قوله (صلى الله عليه وسلم) : تمت الأعمال بالنيات -: فى هذا بيان من الرسول عن أعمال العباد التى يستوجبون عليها من ربهم الثواب والعقاب، وما منها لله تعالى وما منها لغير الله، وإنما يقترف ذلك عند ابتدائه، وفى أول دخوله فيه، فإذا كان ابتداؤها لله لم يضره ما عرض بعد ذلك فى نفسه وخطر بقلبه من حديث النفس ووسواس