قال المهلب: وهذه الصفة، أعنى حديث القاسم، هى الموافقة لكتاب الله تعالى، قال الله تعالى:(وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم (، يعنى الباقين) فإذا سجدوا (، يعنى المصلين) فليكونوا من ورائكم) [النساء: ١٠٢، ١٠٣] ، يعنى الذين هم مواجهة العدو، فاشترط الله تعالى، أن تكون إحدى الطائفتين فى غير صلاة مواجهين للعدو والثانية فى الصلاة، وقوله: (ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك (، يدل أن الأولى قد صلت تمام صلاتها، وقوله تعالى: (فليصلوا معك (، يقتضى بقية صلاة النبى، عليه السلام، كلها وإذا اقتضى ذلك وجب أن يسلم؛ لأن آخر صلاته السلام. قال غيره: وهذا أشبه بالأصول؛ لأن المأموم أبدًا إنما يقضى بعد فراغ إمامه وسلامه، فهو أولى على ما بيناه من حديث يزيد بن رومان. وأما حديث جابر فقد حكى عن الشافعى أنه قال به، وقال: صلاة الخوف يصلى الإمام بكل طائفة ركعتين، وهو على أصله فى جواز صلاة المفترض خلف المتنفل. قال أصحابه: هذا إذا كان فى سفر وهو مخير عنده فى السفر بين القصر والإتمام، ولم يحفظ عن النبى، عليه السلام، أنه صلى صلاة خوف قط فى حضر ولم يكن له حرب فى حضر إلا يوم الخندق، ولم تكن نزلت صلاة الخوف بعدُ. ودفع مالك، وأبو حنيفة هذا التأويل وقال أصحابهما: إن النبى، عليه السلام، كان فى حضر ببطن النخل على باب المدينة، ولم يكن مسافرًا، وإنما كان خوف فخرج منه محترسًا، ولم ينقل عنه عليه السلام، سلام فى ركعتين بهم.