للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالَ أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ: يُثابُ على واحدٍ ويَأْثَمُ به.

(تنبيهٌ: العِبَادَةُ) هي (الطَّاعَةُ) قَالَ القاضي: العِبَادَةُ كُلُّ ما كَانَ طَاعَةً للهِ، أَوْ قُرْبَةً إِلَيْهِ، أَوِ امْتِثَالًا لِأَمْرِهِ، ولا فرقَ بينَ أنْ يَكُونَ فِعلًا، أو تَركًا،

فالفعلُ: كالوُضوءِ، والغُسلِ، والزَّكاةِ، وقضاءِ الدَّينِ.

والتَّركُ: كتَركِ الزِّنا، والرِّبا، وتَركِ أكلِ المُحَرَّماتِ، وشُربِها، فأمَّا التَّركُ فلا يَحتَاجُ إلى نِيَّةٍ، بمَنْزِلَةِ ردِّ المغصوبِ وإطلاقِ المُحرِمِ الصَّيْدَ (١) وغسلِ الطِّيبِ عن بدنِه وثَوْبِه؛ لأنَّ ذلك كُلَّه طريقُه التَّركُ، فإنَّ العبادةَ في تَجنُّبِه فإذا أصابَتْه، لم يُمْكِنْ تَركُه إلَّا بالفعلِ كانَ طريقُه التَّركَ، فيُخالِفُ الوضوءَ لأنَّه فِعلٌ مُجَرَّدٌ لَيْسَ فيه تركٌ (٢).

(وَالطَّاعَةُ): هي (مُوَافَقَةُ الأَمْرِ) أي: فِعلُ المأمورِ به على وِفاقِ الأمرِ به.

قالَ القاضي: حَدُّ الأمرِ ما كانَ المأمورُ به مُمْتَثِلًا، وَلَيْسَ حَدُّه ما كانَ طاعةً؛ لأنَّ الفِعلَ يَكُونُ طاعةً بالتَّرغيبِ في الفِعلِ وإنْ لم يَأمُرْ به، كقولِه: مَن صَلَّى غَفَرْتُ له، ومَن صامَ فقد أَطاعَني، وَلَا يَكُونُ ذلك أَمْرًا (٣).

(وَالمَعْصِيَةُ: مُخَالَفَتُهُ) أي: مُخالفةُ الأمرِ بارتكابِ ضِدِّ ما كُلِّفَ به.

(وَكُلُّ قُرْبَةٍ طَاعَةٌ) فهي أخصُّ مِن الطَّاعةِ؛ لاشتِراطِ قَصدِ التَّقرُّبِ فيها إلى اللهِ تَعالى على وَفْقِ أمْرِه أو نَهْيِه، (وَلَا عَكْسَ) أي: وليسَ كلُّ طاعةٍ قُربةً؛ لعَدمِ اشتِراطِ قَصدِ القُربةِ فيها.


(١) ليست في (د).
(٢) «العدة في أصول الفقه» (١/ ١٦٣).
(٣) ينظر: «المسودة في أصول الفقه» (ص ٤٤).

<<  <   >  >>