للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَلَا يَسْقُطُ الطَّلَبُ بِهَا، وَلَا عِنْدَهَا) أي: عندَ فِعلِها؛ لأنَّ تعلُّقَ الوجوبِ والحُرمةِ بفِعلِ المُكَلَّفِ، وهما مُتلازمانِ في هذه الصَّلاةِ، فالواجبُ مُتَوَقِّفٌ على الحرامِ، وما لا يَتِمُّ الواجبُ إلَّا به واجبٌ.

فالحرامُ واجبٌ، وهو تكليفٌ بالمُحالِ، وأيضًا متى أَخَلَّ مُرتكبُ النَّهيِ بشرطِ العبادةِ أَفْسَدَها، ونِيَّةُ التَّقرُّبِ بالصَّلاةِ شرطٌ، والتَّقرُّبُ بالمعصيةِ مُحالٌ، ولأنَّ مِن شرطِ العبادةِ: إباحةُ الموضعِ، وهو مُحَرَّمٌ؛ فهو كالنَّجسِ.

وقالَ القاضي أبو بكرٍ ابنُ البَاقِلَّانِيِّ، والفخرُ الرَّازيُّ: يَسقُطُ الفرضُ عِندَها لا بها (١).

قالَ في «المحصولُ»: لأنَّ السَّلَفَ أَجمَعُوا على أنَّ الظَّلَمَةَ لا يُؤمَرُونِ بقضاءِ الصَّلاةِ المُؤَدَّاةِ في الدَّارِ المغصوبةِ، ولا طريقَ إلى التَّوفيقِ بينَهما إلَّا بما ذَكَرْناه (٢). انتهى.

قالَ الصَّفِيُّ الهِنْدِيُّ: الصَّحيحُ أنَّ القاضيَ إِنَّمَا يَقُولُ بذلك لو ثَبَتَ القولُ بصِحَّةِ الإجماعِ على سُقُوطِ القضاءِ، فإذا لم يَثْبُتْ ذلك فلا يَقُولُ بسُقُوطِ الطَّلَبِ بها ولا عندَها (٣). انتهى.

ولا إجماعَ في ذلك لعدمِ ذِكْرِه ونَقْلِه، كيف وقد خالفَ الإمامُ أحمدُ (٤) رَحِمَهُ اللهُ تَعالى ومَن مَعَه، وهو إمامُ النَّقلِ وأعلمُ بأحوالِ السَّلفِ.


(١) ينظر: «التحبير شرح التحرير» (٢/ ٩٥٥).
(٢) «المحصولُ» للرَّازيِّ (٢/ ٤٨٥).
(٣) «نهايةُ الوُصولِ في دِرايةِ الأصولِ» (٢/ ٦٠٥).
(٤) ليست في (د).

<<  <   >  >>